حق الزوجة في الخلع طبقاً للقانون الكويتي
حق الزوجة في الخلع طبقاً للقانون الكويتي
ثار تساؤل حول مدى إمكانية رفع دعوى الخلع بشكل مباشر للمحكمة، وهل القانون
الكويتي يكفل لطالبة الخلع أن ترفع دعوى بطلب الحكم لها بالخلع، حال تعسف
الزوج في استعمال حقه الولائي بالموافقة على الخلع مقابل عوض، الى جانب
الخلع الرضائي من عدمه؟
إن الإجابة عن تلك التساؤلات تتمثّل بالآتي:
يقول
الله عزّ وجل في محكم التنزيل في سورة البقرة «فان خفتم ألّا ُيقيما حدود
الله فلا جُناح عليهما فيما افتدت به» ومَن أصدق من الله حديثاً، وروى
البخاري عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ - رضي الله عنهما - أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ
بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وآله وسلم، وقالت: يَا
رَسُولَ اللَّهِ، ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ
وَلا دِينٍ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ
«أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ؟» قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَ صلوات ربي
وسلامه عليه وعلى آله «اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً».
حيث مارس الرسول الكريم ولاية الحكم التي يملكها القاضي في يومنا هذا،
بصفته ولياً عاماً، وقضى بالتفريق بين الزوجين، وحكم بما أنزل الله وهو حكم
عادل للخلع بأن تفتدي المرأة نفسها عندما لا تطيق العيش مع زوجها.
إن
المواد من 111 الى 119 من قانون الأحوال الشخصية التي تحدثت عن الخلع
الرضائي وأحكامه، جاءت بنصوص منظمة لحكم شرعي وكأن المشرع في قرارة نفسه
جعل من تلك الأحكام الواردة في النصوص تُعزى إلى اختصاص ولاية السلطة
القضائية بدعاوى الخُلع ولكن الواقع العملي وأد حق المرأة في رفع دعوى
«الخُلع»، حيث استدرك المشرع سوء تقدير الموقف من قبل المزاج العام للأجهزة
المعاونة للقضاء، بعدم تمكين الزوجة من رفع دعوى خلع، مبررين بذلك أنها
بيد الزوج - دون غيره - وأن قاضي الأحوال الشخصية ليس في مُكنته النظر في
دعاوى المخالعة.
إلى أن صدر قانون الاسرة 12 /2015 وتعديلاته، ونصت
المادة «5/د» منه على اختصاص محاكم الأسرة التي يقع في دائرتها موطن
المدعي أو المدعى عليه بنظر الدعاوى المرفوعة من الأولاد أو الزوجة أو
الوالدين او الحاضنة - حسب الأحوال - ففي المادة «د» جاء «التطليق والخلع
والابراء والفرقة بين الزوجين بجميع أسبابها الشرعية...». وعلّل المشرع ذلك
الحكم المستحدث في المذكرة الإيضاحية المشفوعة بقانون الأسرة في بتفسيرها
للمادة (5) أن
«... تختص محكمة الاسرة التي يقع في دائرتها موطن المدعى
عليه بنظر الدعاوى المرفوعة من الأولاد أو الزوجة او الوالدين او الحاضنة،
بحسب الاحوال في بعض المواد المبينة بالمادة على سبيل الحصر منها النفقات
والأجور والحضانة والرؤية والمهر والجهاز والتطليق والخلع، وذلك تيسيرا على
أصحاب الشأن في هذه النوعية من القضايا...».
وعليه، فحسناً فعل المشرع
بوضع الأمور في مسارها ونصابها القويم من أن قانون الاسرة أضاف دعوى الخلع
الى جانب الخلع الرضائي المنصوص عليه في قانون الاحوال الشخصية، ونص عليها
كقاعدة آمرة حصراً، إلا أن أسفي الشديد أن الوضع السائد لسان حاله (... بل
وجدنا آباءنا كذلك يفعلون)، حيث إنّه من غير المتصور أن يُسن تشريع ويقتضي
النص صراحةً على اختصاص محكمة الأسرة بدعوى الخُلع إلى جانب الدعاوى التي
ذُكرت على سبيل الحصر ومع ذلك في الواقع العملي ترفض هذه الدعوى أو يدعى
بعدم وجودها أو عدم تنظيمها وأنها حق خالص للرجل أو «للذكر» إذا جاز
التعبير.
كل ما تقدم من نصوص يتضح جلياً أن للقاضي الحق في ممارسة سلطته
الولائية بأن يحل محل الزوج ويوافق على المخالعة – بدلاً منه - إن كان
مُتعسفاً باستعمال حقه في الولاية مع الزوجة طالبة للخلع، أليس من حق
القاضي أن يمارس سلطته في أن يحل محل الزوج في أن يطلّق زوجته طالبة الطلاق
للضرر حال استحالة العشرة بينهما بسبب الشقاق وتعذر إعمال الصلح، أو ليس
من حق الزوجة التي تطلب الطلاق حال تعذر تحديد المسيء من الزوجين يحكم
القاضي بالتفريق بلا عوض عملاً بنصوص المواد 126، 127، 130 فقرة (د).
فان
كان للقاضي في مُكنته هذه السلطة ويستخدم ولايته بالتفريق دون تحديد
المسيء وتكون طالبة للطلاق هي الزوجة، فيقضي بتطليقها طلقة بائنة للضرر
دونما عوض، فكيف إذاً لا يكون للقاضي الحق في استخدام سلطة الولائية في
دعوى الخلع؟ أليس الخلع بطلب الزوجة؟ أليس الخلع بلا عوض؟ أو ليس الخلع هو
تنازل من الزوجة عن حقوقها المالية ابتداء من المهر والهدايا ونفقة الزوجية
أو متجمدها ومؤخر الصداق وانتهاء بنفقة العدة والمتعة بحسب ظروف كل واقعة
وملابساتها؟ مالكم كيف تحكمون؟!
لا يخفى على معرفة الكافة أن القاضي
يملك التزويج والتفريق بحلوله محل الزوج حال تعسفه باستخدام حقه والتعنت
ليس إلا، ألم يكن من الأولى أن تتبنى محاكم الأسرة هذه النصوص والعمل
بمقتضاها لتمكين حق الزوجة من إقامة دعوى الخلع.
تعليقات
إرسال تعليق